gulfissueslogo
القضيه الفلسطينية في المفهوم الديني وإمكانيات المملكة العربية السعودية
د. محمد حيدر

 مقدمه البحث: القضية في ضمير الأمة
 
 منذ النكبه التي ابتليت بها الامه الاسلاميه اثر سقوط الامبراطويه العثمانيه وتفككها الى دويلات متفرقه, لم تلق قضيه على المستوى العالمي اهتماما كما لقته القضيه الفلسطينيه على الاطلاق لتتصدر قائمه القضايا العالميه والمحليه لتصبح ركنا اساسيا من اركان التفكير المعاصر وقضيه معاصره لم تنتهي فصولها الى يومنا هذا وربما الى عقود طويله.
 
ولم تخلو ارض فلسطين وديارها المقدسه حقبه من حقبات تاريخها الا وكانت محورا اساسيا او طرفا في قضيه او اخرى في تلك الحقبه. والشواهد التاريخيه على ذلك كثيره وتغني عن الاستدلال بها بشكل مطول الا انه من المفيد الاشاره الى عدد من هذه الشواهد للدلاله على هذه الاهميه. ففلسطين كبقعه جغرافيا كما متعارف عليها حاليا وما يحطيها من بلدان مجاوره كانت مهدا لعدد من الديانات السماويه ومنزل او موطيء قدم الكثير من الانبيا ورسالاتهم السماويه. فهي من مر بها ابراهيم الخليل عليه السلام واسماعيل ويعقوب واسحاق وزكريا وموسى وهارون والسيد المسيح عليهم السلام من الحنفيه الى اليهوديه الى المسيحيه الى ان ظهر الاسلام وبشر به محمدا ً عليه السلام. وكان للرسول عليه الصلاه والسلام محطه هامه في ارض فلسطين وبيت المقدس في قصه الاسراء والمعراج سنمر عليها لاحقا. اذن كانت ارض فلسطين المقدسه حضنا لهذه الديانات ونقطه الوصل بين الانبياء والرسالات السماويه ان عبر ابراهيم الخليل او باقي الانبياء وصولا لسيدنا محمد عليه السلام.
 
وكانت قضيه بيت المقدس موضع اهتمام معظم قاده العالم في تلك الحقبات التاريخيه لدرجه ان يكون سقوطها في يد قائد غاز معلما اساسيا من فتوحاته وانتصاراته. وهكذا تناولتها ايدي الغزاه جيلا عبر جيل وتحرر من الغزاه جيلا بعد جيل مروورا بالتاريخ من قبل الكنعانيين والرومان واليهوديه والمسيحيه ثم في عهود مختلفه من وجود المسلمين فيها.
 
ولعل هذه المقدمه المتواضعه هي نقطه العبور من التاريخ القديم لتسمح لنا بالقا الضوء على التاريخ الحديث من قضيه فلسطين ودول الجوار وتوضيح اهميه هذه القضيه الفلسطينيه على عدد من المستويات التي تعتبر من اهم الروابط الاساسيه لها وتخص تحديدا دور المملكه العربيه السعوديه في هذه القضيه على وموقعها من هذه المفاهيم وتوضيح دورها على ضوء هذه الامكانيات الحقيقيه للمملكه. وان كان تسليط الضوء على دور المملكه فان هذا لا يعفي اي دوله اخرى او تنظيم اخر او جماعه اخرى من ان يكون لها نفس الدور او دورا مساهما ينضم في توجهاته بنفس الاتجاه ليكون مصدرا اخر من مصادر دعم هذه القضيه.
 
ولنبين هذه العلاقه نسلط الضوء على مجموعه من هذه المفاهيم الاساسيه التي نعتبرها جزء من حقيقه القضيه وخدمتها بصوره صحيحه لتسمح لنا في اعاده تصويب مسار القضيه بشكل صحيح واساسي مما يسهم في خدمه افضل لها ومستقبلها.
 
ومن المفاهيم التي نحاول في هذه المقاله البحث فيها هي ايجاد الرابط الاساسي للقضيه الفلسطينه والمملكه العربيه السعوديه. وفي حال نجاحنا في ايجاد الرابط الاصيل بين هاتين النقطتين يتاح لنا منه ان نسلط الضوء على الامكانيات التي يمكن ان نستخدمها لخدمه هذه القضيه. لذلك نرى ان الاطار الصحيح الذي يمكننا من ذلك ان نوضح عددا من القضايا وهي كما يلي :
 
1/ حقيقه وموقع القضيه الفلسطينيه في ضمير الامه الاسلاميه والمعتقدات الاسلاميه واساس هذا المعتقد.
 
2/ حقيقه القضيه الفلسطينيه من واقع الامه العربيه ومعتقداتها
 
3/ اهميه المملكه العربيه السعوديه على ضوء امكاناتها المتاحه
 
4/ موقع المملكه العربيه السعوديه من القضيه الفلسطينيه من خلال الموقع القومي والديني
 
5 / خلاصة البحث
 
6/ مراجع البحث
 
 
 

1/ موقع القضيه الفلسطينيه في ضمير الامه الاسلاميه ومعتقداتها:


 
 
 
كما تقدم في مقدمه البحث بالاشاره الى الاهميه التي تبلغها القضيه الفلسطينيه تاريخيا فان الموقع الحقيقي لفلسطين او ارض فلسطين قاطبه خصوصا لما تحويه من مقدسات دينيه يجعلها في غايه الاهميه كقضيه دينيه تجتمع في ظلالها اكثر الديانات انتشارا في العالم من يهوديه ومسيحيه واسلام.
 
فالبحث هنا لا يشمل في تفاصيله التركيز على الاهميه التي اعطاها اليهود والمسيحين الى فلسطين وذلك من دون نفي هذه الاهميه البالغه عند هذه الديانات بل نكتفي بالاشاره اليها من حيث اهميتها دون الخوض في تفاصيلها فقط لغايه الهدف المرجو من مجمل البحث. الا انه يركز على الاهميه الدينيه لفلسطين من منظور اسلامي او روئيه اسلاميه لجوهر القضيه الفلسطينيه. الامر الذي قد يبعده بعض الشيء عن الجغرافيا ويقربه اكثر نحو المبادىء الاساسيه التي يمكن النظر اليها لفلسطين من منظور اسلامي شامل.
 
وفلسطين في ضمير الامه الاسلاميه يرتكز على عدد من الوقائع التاريخيه والحقائق والممارسات التي اعتاد عليها المسلمون في اطار العقيده الشامله للروءيه الاسلاميه لبلاد المسلمين ومقدساتهم بالدرجه الاولى ومدى اهتمام الاسلام فيها مبني على اصول العقيده الاسلاميه ومن قواعدها الاساسيه او على شكل مماراسات لها اشكال اخرى اوصى بها الشرع الحنيف او دل عليها.
 
ومن دلالات هذه القضيه هو ضلوع ابراهيم وولده اسماعيل وزوجته هاجر في صياغه شعيره هامه من شعائر المسلمين الا وهي قضيه الحج الى بيت الله. فقبل ان يبنى ابراهيم عليه السلام بيت الله في مكه امره الله ان يذهب بزوجته هاجر وولده اسماعيل الذي كان طفلا صغيرا ان يتركهم في واد طغت عليه صفه الجفاف والقحط وان يودعم ويعود ادراجه الى موطنه. وانصاع ابراهيم عليه السلام لقول الله سبحانه وتعالى واثقا كل الوثوق بما امره الله به. وما كان من هاجر الا ان تقوم كوالده بدور اساسي في هذه الشعيره وهي السعي بين جبلي الصفا والمروى باحثه عن ماكل ومشرب لها ولودها الطفل الصغير. وكان نتاج وثمره هذ ا السعي هو الوصول لبئر زمزم ليتحول هذا السعي الى جزء هام من شعيره الحج اضافه الى ما قام به ابراهيم في طريق عودته الى رجم الشيطان في منى في ثلاث مواقع ليشكل فصلا اخر من فصول الحاج كشعيره اسلاميه. ثم ليترجم عمل ابراهيم مع ابنه اسماعيل ببناء بيت الله الحرام ليكون قبله للناس اجمعين يحجون اليه عبر النداء الذي امر الله ابراهيم ان يطلقه في كافه اقطاب الارض ليسعوا الى ذكر الله فيه ويقضون من خلاله مشاعرهم.
 
ثم ليكمل ابراهيم خطواته في السنوات اللاحقه من عمره في اضافه شعيره اخرى من شعائر الحج وقدسيته بان امره الله سبحانه وتعالى بذبح ابنه اسماعيل وينصاع ابراهيم ذو القدره العجيبه على التضحيه بان يقبل بذبح ابنه اسماعيل ويرضى الابن ما قسم الله له بطاعه والده بان يسلم رقبته ليذبحه ابوه وليصدقا معا الروءيا ويفديه الله بكبش عظيم ويطوفوا بالبيت العتيق لتكتمل فصول الحج من اداء ورمزيه لهذه الشعيره المقدسه.
 
فالرمزيه التي يمارسها المسلمون من باتباع خطوات النبي ابراهيم في الحج يعطي القدسيه لما عمله ابراهيم واسماعيل في جوار بيت الله الحرام واتباع خطواته مما امر به النبي صلى الله عليه واله وسلم من اعمال في الحج والعمره.
 
فقدسيه الحج وقيمته عند المسلمين ترتبط اساسا بابراهيم عليه السلام وابنه اسماعيل وزوجه هاجر لتكتمل فصول هذه الشعيره لتصبح ركنا من اركان الاسلام يرجو ان يحققه المسلم ولو مره في عمره ان كان من المستطيعين اليه سبيلا.
 
وما رمزية وجود ابراهيم الخليل الا ليكون صله وصل ضمن حلقه من الحلقات الرسالات السماويه ليكملها الرسول محمد عليه الصلاه والسلام بان اوضح خطوات الحج بناء على ما قام به ابراهيم الخليل منذ مئات من السنين قبل نزول الرساله على محمد صلى الله عليه واله وسلم.
 
والنقطه الثانيه في هذا المحور هو بان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم امر المسلمين ان يتوجهوا في صلاتهم صوب بيت المقدس. وهنا يذكر الله سبحانه وتعالى بالايه الكريمه وما جعلنا القبله التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه الى اخر الايه فكانت في حقيقه الامر اولى القبلتين وبعدها امر الله سبحانه وتعالى رسول الله يان يتخذ من الكبعه قبله له وللمسلمين وتشير الايه في القران الكريم اليها لنولينك قبله ترضاها للرسول عليه الصلاه والسلام وهي ايضا من صنع واشاده ابراهيم الخليل عليه السلام. بان يتخذ من القدس الشريف قبله له في صلواته وكانه رد المعروف بين الانبياء وتكامل الرسالات السماويه ويصبح القدس اول قبله للمسلمين يتوجهون عبرها في عباداتهم لتصل صلواتهم ودعائهم لله سبحانه وتعالى وفي الروايات المختلفه ان المسلمون صلوا صوب بيت المقدس حوالي سبعه عشر شهرا.
 
اضافه الى ذلك نورد بعض الفضائل التي عجت بها كتب المحققين والرواه والاحاديث الشريفه في فضل بيت المقدس:
 
فالمسجد الاقصى هو ثاني المساجد وصفاً في الأرض فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قلت يا رسول الله: أي مسجد وضع في الأرضى أولاً ؟ قال: المسجد الحرام قال : قلت : ثم أي ؟ قال: المسجد الأقصى قلت كم كان بينهما ؟ قال : أربعون سنة ، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله فإن الفضل فيه.
 
وارضه مباركه بارك الله بها وما حولها والايه القرانيه الشريفه واضحه في ذلك.
 
وبشر الله في كتابه الكريم بفتحه مره ثانيه وعودته للمسلمين الايه الشريفه
 
اثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاه فيه وبركه الصلاه فيه وتساوي ربع قيمه الصلاه في مسجده النبوي الحديث.
 
وفيه مقام الطائفه المرابطه المنصوره وفيها يعود عيسى ابن مريم وفيها القتال مع الاعور الدجال وهو ارض المحشر والمنشر.
 
وفيه يتحصن المومنون من الدجال.
 
وفيه اجتماع انبياء الله جميعا بامره رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في ليله الاسراء والمعراج.
 
وهو احد المساجد الثلاثة التي تشد اليها الرحال.
 
والنقطه الثالثه في قضيه بيت المقدس هي قصه الاسراء والمعراج. ولم يكن هناك اجمل واروع تصور في رحله الهيه يقوم بها الرسول عليه الصلاه والسلام الا ليكون بيت المقدس اول محطه في هذه الرحله فاسرى الله بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ثم ليعرج به صوب السماوات العلى في رحله كونيه لا مثيل لها لتشكل رمزيه جديده تتواصل في محتواها تواصلا فيه عوده الى ابراهيم واسماعيل وباقي الانبياء عليهم الصلاه والسلام.
 
ثم حقيقه اخرى هي ارض الجهاد والعوده لجيوش المسلمين ورباطهم فيها ليوم القيامه دفاعا عن واحدا من اهم واكبر مقدسات العالم الاسلامي بعد المسجد الحرام.
 
وهكذا تتوضح حقيقه اهميه القضيه الفلسطينيه بما تعني من تسميات حاليا لتشكل رمزا من اهم رموز الصراع عند المسلمين بشكل خاص ومن قدسيه عاليه لهذه الارض المباركه.
 
 
 

2/ حقيقه القضيه الفلسطينيه من واقع الامه العربيه ومعتقداتها:


 
 
 
ليس خفياً على احد بعد تفكك الامبراطوريه الاسلاميه تحت امره العثمانيين بدا العالم الاسلامي العربي بتوالي النكبات عليه والمصائب بعد ان ترك الاتراك بلاد العرب ولم يكن العرب في تلك الاونه من المستطيعين ان يدافعوا عن ارضهم بالشك اللائق ولاسباب عده وكثيره.
 
الى ان تم تقسيم هذه البلدان الى عدد من دويلات ليس لها لا حول ولا قوه كما انعدمت فيها معالم الدوله او الدول بعد ان تم تحطيمها الى عدد من دول يحكمها قله من الحكام اختارها الانتداب على هذه البلدان وبقيت فلسطين تحت امره الانكليز لفتره وجيزه عانى منها اهل فلسطين والديار المقدسه اشنع انواع التعذيب والتعدي على اراضيهم بعد هجره اليهود من كافه اقطاب الدنيا صوب هذه الارض.
 
واخذت القضيه الفلسطينيه على مر عقود من الزمن الحس الديني والوطني معا الا انه من الواضح جدا تغلب الطابع القومي على طبيعه الصراع خصوصا بعد تراجع نفوذ الباب العالي في دول العالم العربي وضياع الحس الوحدوي الاسلامي لدول المنطقه فكانت الثورات العربيه المتتاليه مفعمه بالشعور الوطني والاستقلال ظاهرا عن الباب العالي لتتفكك اواصر الصله بين دوله الاسلام الاخيره لتتحول الى دول صغيره تميزها العرقيات والاجناس والانحدار القبلي اكثر مما تجمعه رايه الاسلام.
 
وفي هذا الاطار لم يكن هناك تقصيرا في الحس الوطني تجاه القضيه الا ان حصرها في زاويه لم تكن لتبقى فيه لولا انها اضطرت اليه مرغمه غير قادره للنهوض بالحس الاسلامي ليرقى بها نحو الافضل. واصبحت القضيه الفلسطينيه جزاء لا يتجزاء من هم القضيه العربيه والثورات العربيه المتتاليه وهم الشعوب والحكومات والتنظيمات الشعبيه على مستوى العالم العربي كافه.
 
ولاتزال القضيه العربيه الشغل الشاغل لهذه الحكومات والشعوب على مدى الستون عاما الماضيه ودفع الشعب العربي والحكومات العربيه اثمانا باهظه في صراعه مع الكيان الصهيوني الغاصب. والتضحيات التي قدمت في سبيل القضيه لا يمكن اغفالها بشكل من الاشكال في وجه العدو ومن يسانده من دول الغرب على مر سنوات الصراع.
 
وانتقلت القضيه الفلسطينيه الى ابعد من ذلك نتيجه هذا الحس الوطني لترقى الى منتديات العالم السياسي باكمله ولتكون مفصلا من مفاصل الصراع بين موازين القوى والتي ساندتها فيها مجموعة الدول الاشتراكيه بقياد الاتحاد السوفياتي مقابل دول ما سمي بالامبرياليه العالميه.
 
وساهم عدد كبير من الدول العربيه والاسلاميه في مجهودات الحرب والصراع ضد المغتصب. وقدم الدعم المالي والعسكري المتواضع جدا لهذه القضيه من بعض دول المنطقه وتحمل البعض منها تضحيات غاليه لا يمكن ان تقدر بثمن من خسائر بشريه وماديه على مدى سنوات طويله من الصراع خصوصا بعد تشكيل تنظيمات عسكريه فلسطينيه بمسانده عدد من دول المواجهه او ما يسمى بدول الطوق.
 
واستمر الصراع لعقودعلى هذا المنوال دون تحقيق ادنى هدف في هذه القضيه الى ان تحول الصراع في القضيه من قضيه اسلاميه الى قضيه قوميه ثم الى قضيه محليه يتحمل وزرها عدد قليل من الدول العربيه خصوصا دول الطوق. وتولدت جبهات سياسيه مناصره وجبهات سياسه مناهضه في الصراع الامر الذي انتهى بالصراع الى مجموعه من التنظيمات والاحزاب وعدد لا يتجاوز العد عل الاصابع ضد الاحتلال الصهيوني. وتحول القضيه الى محور تجاذبات بين مويد ومعارض وصراعات مسلحه كانت القضيه الفسلطينيه ضحيه هذه التجاذبات بشكل اساسي. وليس البحث للولوج في هذا المحور الا انه لا يخفى على احد انه ساهم في تراجع العمل السليم في اتجاه الهدف السليم التي تنشده القضيه الفلسطينيه.
 
وكان نتيجه هذه الصراعات وتطور الاوضاع الاقليميه في العالم العربي والعالم الغربي ان تراجعت حده الصراع مع العدو الصهيوني بعد ان وافق الرئيس انور السادات على مبداء التصالح مع العدو الاسرائيلي وتطبيع العلاقات مع هذا الكيان الامر الذي قوبل برفض شديد على المستويين العربي والاسلامي لما يشكل من مخاطر على القضيه الفلسطينيه والعربيه برمتها.
 
الا ان هذا المحور الجديد بعد محور الهدنه ساهم في تسديد مزيد من الضربات التراجعيه للقضيه الفلسطينيه لتتحول الى عدد من القضايا الاقليميه لم ينجو منها العالم العربي والاسلامي الى يومنا هذا. ولعل التمادي والتهاون في هذا الاتجاه كلف الامه العربيه والاسلاميه وشعوبها الكثير من التبعات التي لا يمكن التخلص منها بسهوله.
 
وفي ظل التراجع الذي حققه تيار الهدنه والصلح والتطبيع مع العدو الصهيوني اخذت القضيه الفلسطينيه بالتراجع لتصبح مشكله مناطق فلسطينيه وسكان فلسطينيون بعيدا عن جوهر القضيه الفلسطينيه واهميتها في واقع الامه الاسلاميه.
 
وبرز في المقابل عدد من التيارات الاسلاميه الذي اعاد صوره الصراع على نحو مغاير كليا لما كانت تجري عليه الامور فهناك جبهه واسعه عريضه من شرائح كثيره من التيارات الاسلاميه ابت على نفسها ان تترك الجهاد في سبيل الله وسبيل جوهر القضيه الفلسطينيه والقدس الشريف.
 
لذلك جوبهت هذه التوجهات في العالم العربي بكثير من الضربات الاستباقيه في بعض الاماكن وفي ضربات مسدده مسبقا لبعض الدول التي تحمي هذا الاتجاه وتسانده اضافه الى وضع العمل الاسلامي الجهادي تحت قيود ثقلت اوزانها ليجتمع العالم باسره ويتهم الاسلام بالارهاب وعدم قدرته على اداء عمله كدين ورساله عالميه.
 
وشن العدو الصهيوني اشرس انواع الحروب على هذه التنظيمات والدول المسانده لها وشارك فيها عدد من الدول العربيه اما بالصمت او بغض النظر او التاييد المبطن او حتى التاييد المعلن لشرعيه القتال ضده متذرعين باعذار لاترقى الى مسامع الحقيقه عند الشعوب العربيه في الوقت التي كانت تحقق هذه التيارات الاسلاميه انتصارات عجزت عنها دول وشعوب من قبل وكانه وضع كل الامكانات المتاحه للامه الاسلاميه وقدراتها تحت المجهر مما اشعل مشاعر القلق والغضب عند الشعوب العربيه والاسلاميه لنصره القضيه الاساس.
 
وفي غضون سنوات عده تغير لون ا لشارع العربي وتغيرت الخارطه السياسيه ليتحول الصراع في بعض الدول العربيه صراعا داخليا وشقاق ونقاق وفتن لن تنجو منها اي دوله من دول المنطقه وبداءت تتهاوى واحده تلك الاخرى في فخ لاقيام لها منه بدون جزيه عاليه الثمن ومن دون اي حساب عقلي اومنطقي او حتى يرقى الى المشروعيه في الصراع الداخلي في ظل غياب او تهميش الصراع الحقيقي الذي يجب ان توجه له كل الطاقات المتاحه من كافه اقطار العالم الاسلامي والعربي .
 
وهكذا نرى ان دولا عده مثل ايران والعراق يتصاراعان في حرب دامت حوالي عشر سنوات ازهقت فيها الارواح والمقدارت الاقتصاديه والمعنويه ما لا يدمله جراح الزمن ان التئمت لتنتهي هذه الحرب الى غلبه الفتنه على كلا الطرفين.
 
ويستمر الصراع بان تتحول دوله كافغانستان الى مشروع حرب طال امده من احتلال للاتحاد السوفياتي ثم هزيمته الى احتلال اميركي لم ينته اجله الى الان ثم الى ملف العراق والمذابح الدمويه التي استمرت على ايدي النظام السابق وعلى ايدي قوات الاحتلال حاليا ليتحول العراق من دوله مصدره للنفط الى دوله ينعدم فيها اساسيات العيش الكريم للمواطن العراقي وعدم استطاعته للتفكير في قضيه اسمها فلسطين الى ان تحل قضيه العراق والتي لا تزال مفتوحه الى عدد من السنوات القادمه.
 
ويننتقل الملف الى ارض باكستان حيث بداء عدم الاستقرار يصبح حاله اوجزء من الحياه العاديه فيها وهو مشروع اضطراب قد يتحول الى مشروع فتنه على غرار العراق وغيره من الدول الاخرى كافغاانستان وفلسطين وهكذا تصبح القضيه الفلسطينيه قضيه اخرى على هامش الاهتمامات الوطنيه والاسلاميه وملفا ليعاد فتحه في حال حل القضايا الاخرى العالقه وملفات قد تفتح فيما بعد. وهكذاالامر مع السودان وليبيا والصومال وغيرها من دول العالم الاسلامي المرشح ان يكون لها ملفات اخرى وقضايا اخرى.
 
امام هذا الواقع المرير تقف المملكه العربيه السعوديه امام مسوءليات عظام وجسام من هذه الملفات والقضايا التي يمكن ان يكون لها دورا فاعلا ومميزا للمشاركه فيه ويمكن ان يكون رافدا اساسيا في خلق حاله من التحول باتجاه المسار الصحيح للقضيه الفلسطينيه على ضوء ما عرضنا من واقع ديني اساسي وواقع سياسي حالي.
 
وللحديث عن هذا المحور لا بد ان نتطرق على قضيتان هامتان هما اهميه المملكه على ضوء امكاناتها المتاحه وموقعها الديني من العالم الاسلامي والقضيه الدينيه تحديدا.
 
 

 

3/ أهمية المملكه العربيه السعوديه على ضوء امكاناتها المتاحه:


 
 
 
المتامل في القدرات التي تتمتع بها المملكه العربيه السعوديه وبحمد لله يرى ان المجتمع السعودي تطور في العقود الثلاث الماضيه تطورا اقتصاديا وبنيويا بشكل ملحوظ. حيث ازدهرت فيها حركه التجاره والبناء والعمران والتطور المدني والسكني فتوسعت المدن ونمت ضواحيها وارتفعت مستويات العيش بين الناس اضافه الى تزايد عدد الشركات والموسسات الصناعيه والتجاريه بشكل ملحوظ جدا.
 
واذا ركزنا على عدد من الركائز الاساسيه في المجتمع السعودي وكيانه يمكن ان يتبين لنا حجم هذه القدرات والامكانيات المتاحه.
 
 
 

القدرات النفطيه:


 
ومن هذه الركائز القدرات النفطيه والعائدات منها, القدرات العلميه والعسكريه. ومن نعم الله التي انعم بها على المملكه السعوديه وعدد كبير من دول الجوار هو وجود ماده النفط التي اصبحت حاجه اساسيه لكل دول العالم اذ تعتبر المملكه السعوديه من اكبر دول العالم احتفاظا بماده النفط للتحول هذه السعله الى ماده استراتيجيه على مستوى العالم يمكن ان يكون هو اداه التحكم في النشاط الاقتصادي والاجتماعي في العالم لما تمثله هذه السلعه من اهميه لدى كافه اقطار العالم.
 
ومردود المملكه السعوديه من عائدات النفط تشكل الزحم الاساسي لهذا المجتمع وتساهم بدور فعال في تطوره وتنميته الاجتماعيه والاقتصاديه والعسكريه.
 
وحققت العائدات من مبيعات النفط مئات البلايين من الدولارات خلال السنوات والعقود الماضيه. ومن يرغب في معرفه المزيد والدقه في هذه العائدات فانه من السهل معرفه تطور انتاج النفط وتزايده بصوره مستمره في الاسواق ليتطور من حوالي ثلاث ملايين برميل يوميا في العام 1990 ابان الحرب العراقيه الثانيه ليصبح حوالي عشره ونص مليون برميل يوميا في العام 2009.
 
وتقدر قيمه العائدات من النفط حوالي بالسعر الحالي والكميه المنتجه حوالي 850 مليون دولا يوميا على اساس سعر برميل النفط نحو 70 دولار للبرميل الواحد. واذا حسبنا سعر البرميل بحوالي 140 دولار يكون دخل المملكه يوميا حوالي 1,5 بليون دولار يوميا وكمعدل وسطي للسنوات الماضيه وتطور السعر الحالي تبلغ قيمه العائدات النفطيه حوالي 1,2 بليون دولار يوميا.
 
 
 

موارد الحج والعمره :


 
اضافه الى ذلك تستفيد المملكه من مواسم الحج والعمره خلال فتره الحج وفتره السماح بالعمره اذ يقدر العائد من الحج والعمره على المملكه بنحو35 بليون دولار بين انفاق على الحج والعمره وتكاليف سفر وانفاق خلال مده اقامه الحاج اثناء اداء مناسكه ومشتريات تستفيد منها شرائح كثيره في المجتمع السعودي من انتاج محلي وخدمات وغيرها.
 
كما تجند المملكه حوالي مليون شخص في مواسم الحج والعمره للقيام بالخدمات المطلوبه للحجيج.
 
 
 

القدرات السياسيه:


 
مما لاشك فيه ان للملكه دور هام على صعيد دول المنطقه العربيه والاسلاميه وخصوصا دول الجوار. ودورها في مجلس التعاون الخيليجي يعد من الادوارالرئيسيه للمملكه. ويتصدر دورها باقي الدول في المنطقه الى درجه السيطره جزئيا او ذات اثر واضح على معالم وهيكل مجلس التعاون الخيليجي وان لاتخلو الفترات الزمنيه من حالات تجاذب وتصادم لاجل قضيه او اخرى الا انه لا يمكن اخفاء قوه هدا الدور بشكل فاعل ومستمر.
 
وللملكه ايضا دورا هاما في كتله دول موءتمر العالم الاسلامي وفي المساعدات التي تقدمها عن طريق بنك التنميه الاسلامي لعدد من الدول الاسلاميه الفقيره وغير الاسلاميه في بعض الاحيان.
 
وللملكه دور هام في ارساء قواعد السلم بين دول المنطقه والمجتمع الاهلي في بعض الدول الاخرى اذ ساهمت بشكل فاعل في تهدئه الاوضاع في لبنان على اثر وضع اتفاق الطائف لوقف الحرب بين اللبنانيين بعد ان دامت اكثر من خمس عشر سنه متتاليه.
 
واستطاعت ان تستضيف اتفاق مكه بين الفصائل الفلسطينيه بعد ان استمر النزاع بينهم لسنوات طويله.
 
كما للمملكه ادوار اخرى مثل مبادره الملك عبد لله للسلام والتي وجههت بالرفض القاطع من قبل حكام الدوله الصهيونيه. ولا زالت تلعب دورا اساسيا في لبنان وعدد اخر من دول الجوار.
 
 
 

القدرات العسكريه:


 
لا يرقى ادنى شك الى حقيقه ان دوله مثل المملكه العربيه السعوديه هي من اقوى دول الخليج عددا وعده فهي تشكل الجيش الاقوى والاكثر تزودا بالمعدات في مقابل دول الخليج الاخرى.
 
وتشير معلومات غير دقيقه الى ان الجيش السعودي تنامي بشكل ملحوظ في عداده وتعداده.
 
ويبلغ عدد افراد الجيش السعودي حوالي 380,000 جندي و 2000 دبابه و 9000 مدرعه و1000 قطعه مدفعيه مختلفه العيارات والاف من مدافع الهاون وحوالي 100 قاذفه صاروخيه من طرازات متعدده وصواريخ ارض ارض حوالي 50 وحوالي 3150 قاذفه صاروخيه مضاده للدبابات من عيارات مختلفه ونحو 800 قاذفه صواريخ.
 
وتقدر القدرات الجويه للجيش ا لسعودي بنحو 600 طائره مختلفه الاستخدامات بين مقاتلات وتزويد بالتجهيزات والوقود والتجسس والنقل الجوي اضافه الى حوالي 230 طائره تدريب من انواع مختلفة.
 
والجدير بالذكر ان الجيش السعودي كان من عداد المقاتلين في فلسطين ضد اليهود في بين العامين 1948 و 1949. وقدم الجيش السعودي اكثر من مائتا شهيد على ارض فلسطين معروفه اسمائهم الواحد تلوالاخر.
 
 
 
4/ موقع المملكه العربيه السعوديه من القضيه الفلسطينيه من خلال الموقع القومي والديني .
 
 
 
امام هذا الشرح البسيط وغير المسهب في قدرات المملكه العربيه السعوديه يتبقى لنا محورا ذات اهميه ايضا يجب الولوج اليه ومناقشته وهو موقع المملكه العربيه السعوديه من القضيه الفلسطينيه على ضوء ما تقدم من موقف قومي اوموقف ديني.
 
ولعل الطابع الديني هو الاكثر انتباها للقارىء بحكم احتواء المملكه على افضل واطهر بقعتين في الارض هما مكه والمدينه المنوره وما فيهما من اهميه عالميه لهذه المعالم.
 
وما وجود الحرمين الشريفين في المملكه الا ليعطيها اهميه عالميه بين دول العالم الاسلامي ودول العالم الاخرى حيث مكه هي قبله المسلمين والمدينه المنوره محط انظار الزائرين على مدار السنه بدون انقطاع.
 
ومن الواضح ايضا المساهمات التي قامت بها المملكه في توسعه الحرمين الشريفين وانفاق ما استطاعت من الاموال لخدمه الحجيج خلال مواسم الحج والعمره.
 
فالحج باعتباره شعيره من شعائر المسلمين يقومون بها كل سنه الى البيت المعمور يجعل من المملكه في طليعه المسوءوليات الجسام التي تساهم في اداء منسك من اهم مناسك العباده عند المسلم على مر السنوات والمستقبل ايضا.
 
فالحج هو ملتقى ملايين الناس من المسلمين في كل عام ياتون ليطفوفوا بالبيت العتيق بيت الله الحرام يادون مناسكهم وفرائضهم المفروضه عليهم من كافه الطوائف الاسلاميه دون استثناء يجعل من الحج نافذه ذات اهميه بالغه في اداء الرساله واكتمال هذه الرساله في المفهوم العبادي بين الناس لينالوا من رحمه الله ما ينالوه من وعد وعدوا به ثم لينتفعوا من رحله الحج هذه بطرق عده اختلف العلماء فيها بدرجات متفاوته.
 
الى جانب كل التسهيلات التي تقدمها المملكه لحجاج بيت الله الحرام والفائده عليها وعلى مواطنيها واعمالهم وتجارتهم يبقى ان نفتش عن الدور الذي تلعبه المملكه في الاستفاده من هذه القدرات اثنا وجود هذا الجمع الكبير من الحجاج في بيت الله الحرام.
 
ومن الناحيه العلميه الفقهيه هناك اختلاف واسع بين علماء الدين في اعتبار الحج فريضه نقوم بها باداء المناسك والشعائر والانتهاء بها الى الوصول الى رحمه الله وغفرانه دون الولوج بمفهوم الحج اكثر من كونه طقسا من الطقوس او نسكا من المناسك نوءديها ونعود ادراجنا الى بلادنا. وهنا يختلف كثير من العلماء في اعتبار الحج ملتقى لجمع الناس يستغفرون ربهم ويرجون رحمته و جمع للناس ام انه باب من ابواب رحمه الله لتقوم عليه دعائم الوحده بين المسلمين وتفاعلهم في قضاياهم وتلاحمهم في مصيرهم كمان يتلاحمون في توجهاتهم الى الله تعالى في حجهم وسعيهم ورجمهم للشيطان كما فعل سيدنا ابراهيم عليه الصلاه والسلام.
 
وهناك العديد من كبار علماء المملكه يوءيد الراي السائد بان يبقى مضمون مفهوم الحج مفهوما عباديا ذات مناسك وشعائر يوديها العبد الى الله ثم ينصرف الى بعض منافعه ثم يعود ادراجه الى دياره معززا مكرما موعودا بالغفران والمغفره .
 
ومن هوءلاء يمكن الاشاره الى عدد من العلماء مثل ابن عثيمين وابن باز وغيرهم من العلما الاخرين. ويمكن اختصار هذا التوجه في ما كتبه الدكتور صالح بن علي ابو عراد استاد التربيه الاسلاميه بكليه المعلمين في ابها ومدير مركز البحوث التربويه بالكليه نفسها.
 
فهو يقر تماما بان الحج ركن ركين من اركان الاسلام وشعيره عظيمه من شعائر الدين.
 
ويقر ايضا بانه يؤدي الى الفوز بدخول الجنه. وغفران الذنوب وتحقيق التقوى وتعميق معناها في النفوس من خلال تعظيم شعائر الله, وتنميه الشعور بالعزه والفخر للانتماء لهذه الامه المسلمه العظيمه مشيرا الى انه من خلال هذا التجمع الاسلامي الكبير الذي يعتبر اكبر مؤتمر في العالم يشعر المسلم بالعزه والفخر. وتحقيق مبداء الاخوه الايمانيه بين ابناء المسلمين وتربيه الحاج تربيه سليمه.
 
ويشاطر الراي نفسه الاستاذ صالح بن عبد بن حميد في وصفه للحج المبرور ويسرد عدد من نفس ما سرده ابو عراد. لكن دون ان يوضح هوءلا مطلقا كيف يمكن ان تتحقق كل هذه المزايا دون وجود برنامج عملي واضح لكيفيه تحقيق هذه الاهداف.
 
وفي الجانب الاخر تطراء عدد كبير من العلماء لاعطاء اهميه اكبر لفريضه الحج وفي مقدمتهم سيد قطب حيث اشار بوضوح تام الى اهميه هذا الجمع الكبير من اجتما ع المسلمين في مكان واحد ليكون لهم دورا هاما في صياغه مستقبلهم حيث يقول ان الحج موسم موتمر وموسم تجاره وموسم عباده وموءتمر تنسيق وتعاون وهو الفريضه التي تلتقي فيها الدنيا والاخره كما تلتقي فيها ذكريات العقيده البعيده والقريبه.
 
ويشدد سيد قطب على اهميه رفع القواعد من البيت وكانه يشير الى اهميه استمرار رفع قواعد بيت المسلمين والامه الاسلاميه على مر العصور ليعطي الحج مفهوما اكبر من المفهوم العبادي الفردي في اطار جمع المسلمين.
 
ويشاركه الراي عدد كبير من علماء المسلمين مثل السيد الطبطبائي والسيد الخميني الذي يشير الى اهميه عدم تفريغ الحج من مفهومه الاساسي وهو النظر الى مصالح المسلمين من خلال تجمعهم والرجوع عن جعله عباده صنميه لا جدوى منها سوى السياحه والتفرج على المعالم الدينيه.
 
وهكذا تتضح اهميه الحج من موقع المسوءليه التي تتحملها المملكه في اداء هذا الدور العبادي والسياسي امام الامه الاسلاميه.
 
وفي اشاره الى الحج اشار الله في كتابه الكريم محذرا المسلمين وبوضوح كامل بان لا يركنوا في اداء بعض واجباتهم ان يعفيهم من واجبات اخرى وان لا يعتبر الناس ادائهم عملا ما يعفيهم من اداء اعمال اخرى اكثر فائده وثوابا لهم في ميزان حسناتهم عند الله.
 
اذ تقول الايه الكريمه : اجعلتم سقايه الحاج وعماره المسجد الحرام كمن امن بالله واليوم الاخر. في اشاره واضحه الى عدم استواء اداء هذا العمل المادي التطوعي كمن امن بالله واليوم الاخر وعدم مساواتهم ببعضهم البعض حتى لا يكون موضع فخر واعتزاز كما فعلت قريش سابقا.
 
وهنا يتضح لنا اهميه الدول الذي يجب ان يلعبه المسلم وائمه المسلمين في هذا الاطار لاعطائه دوره الحقيقي في تنميه المجتمع الاسلامي ودعم القضيه الفلسطينيه بوجه الخصوص.
 
 
 

مخلص وخاتمه البحث:


 
 
 
من الواضح ان البحث تطراء الى عدد من القضايا التي يجب ان يعاد النظرفيها بشكل ادق واوضح خصوصا لما يتعلق باهميه اعاده صياغه التفكير في اهميه القدس الشريف على مستوى التفكير الاسلامي والمفاهيم الاسلاميه الاصيله.
 
وقد بين البحث العلاقه الوثيقه بين هذه المفاهيم واصولها واستمرار اهميتها على رغم غيابها نظرا لعدد من العوامل التي تعيشها ظروف الامه الاسلاميه والدول العربيه بوجه الخصوص.
 
والمتطلع الى القدرات التي تتمع بها المملكه من ظروف ماديه واقتصاديه ونفع على المجتمع الاسلامي ان في مقدورها مد الكثير من العون على كافه المستويات بالنسبه للقضيه الفلسطينيه بدل من التفرج على ما يجري بارض بيت المقدس الشريف وابتعاد الناس عن ذكره واهميه قضيته لما فيها من اهميه في حياه المسلمين وحياه الرسول صلى الله عليه واله وصحبه وسلم ومن سنته الشريفه التي اعاد اعتبارها في رحلته الميمونه في الاسراء والعراج وعدم الفصل بين الرساله السماويه التي انزلها الله وصلاته بالانبياء في بيت المقدس او اهميه عوده بيت المقدس الى المسلمين على اساس انه ركنا اساسيا في اركان الدين الاسلامي بوجود بيت المقدس فيه والوعد الصادق الذي وعده الله للمسلمين بعودت هذه الديار الى اهلها كما ذكر في القران الكريم.
 
ومن الواضح جدا ان في مقدور المملكه العربيه السعوديه ان تتصدر عددا كبيرا من القضايا الاسلاميه في ظل موقعها الحالي من المقامات المقدسه ودورها الذي يمكن ان يكون اكثر فاعليه مما هو عليه حاليا.
 
وفي ختام هذا البحث المتواضع نسال الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا الى ما فيه طاعته والحمد لله رب العالمين.
 

copy_r