gulfissueslogo
السعودية وإسرائيل في خندق واحد
مهدي حسن الفضلي ـ السعودية

 نشأت العربية السعودية وترعرعت في سياق توسع الهيمنة الامبريالية بعد سقوط الدولة العثمانية وحتى الآن. وحتى يمكن فهم طبيعة الموقف السعودي من القضايا العربية والإسلامية كقضية فلسطين ومشروع المقاومة سواء بفلسطين أو لبنان، ينبغي فهم بنية العلاقة بين العربية السعودية والبلدان الامبريالية.
 
 
 

النشأة المشوهة


 
 
 
بدأ نشوء الكيان السعودي في محاولته الثالثة ( ما يُسمى بالدولة السعودية الثالثة ) في سياق الأحداث العالمية التي أدت لاحتضار الدولة العثمانية وبدء توسع الاستعمار البريطاني. فقد كانت مرحلة البزوغ الامبريالي البريطاني تقتضي تكوين كيانات سياسية مطيعة ومتحالفة مع الامبريالية في مناطق مختلفة من المنطقة العربية والاسلامية، وخصوصا في المناطق التي أفل عنها العثمانيون بعد سقوط امبراطوريتهم بعد الحرب العالمية الأولى، كمنطقة الخليج والجزيرة العربية.
 
وكان الهدف الجوهري من تكوين تلك الكيانات ومن تحالفها مع المستعمر البريطاني الامبريالي، هو نهب الثروات والتموقع في مواقع استراتيجية تمكن الامبريالية البريطانية من احكام قبضتها على مواقع نفوذها الاستعمارية. والجزيرة العربية ليست إلا إحدى ضحايا ذلك الهدف وجزء من تلك التموقعات.
 
 وخلال فترة احتضار الدولة العثمانية، وبزوغ قوى استعمارية جديدة التي كان من أبرز تجلياتها التوسع الامبريالي الانجليزي في منطقة الخليج والجزيرة العربية، بدأت الهيمنة المباشرة الانجليزية ( كالاستعمار الإنجليزي للهند ومصر) أو غير المباشر كما هو الحال في إدارة مشيخات الخليج من قبل بريطانيا عبر حكام محليين مطيعين ( سلطات محلية مطيعة ). وعبد العزيز( ابن سعود ) الذي كان يتطلع لسلطة تحكم شبه الجزيرة العربية، ليس نشازاً عن ركب المشيخات الخليجية. فكان ابن سعود بحاجة ماسة لقوة تدعمه عسكريا وماليا ليواجه خصومه القبليين. إلا أن تراجع القوة الإنجليزية بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت الولايات المتحدة كقوة صاعده حلت محل بريطانيا في دعم نظام عبد العزيز آل سعود. وهكذا تمكن عبد العزيز من إحكام قبضته على شبه الجزيرة العربية بفضل الدعم الانجليزي في البداية والأمريكي بعد ذلك.
 
 
 

ولاء مطلق للغرب


 
 
 
الإمبريالية نظام هيمنة عالمي في حاجه إلى أذرعة عسكرية واقتصادية لهدم أو كبح القوى الثورية العربية والاسلامية الممانعة للتوسع الإمبريالي في المنطقة العربية والاسلامية. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية قوة إمبريالية مركزية، وقد تمكنت من تثبيت قوى طرفية ( كالسعودية ومشيخات الخليج الأخرى والكيان الصهيوني ) بحيث تؤدي هذه القوى وظائف هدفها الحفاظ على قوة المركز في وضع متفوق دائما على قوى الممانعة بمختلف توجهاتها الرسمية وغير الرسمية. فإذا كانت وظيفة الكيان الصهيوني هي عسكرية بالدرجة الأولى في مآزرة الإمبريالية الأمريكية عبر مواجهة القوى لممانعة كسوريا وإيران ولبنان المقاوم، فإن وظيفة العربية السعودية اقتصادية بالدرجة الأولى من خلال استغلال عائدات النفط لإجهاض هذه الممانعة. فالسعودية عمليا تقف في خندق واحد مع الكيان الصهيوني ضد قوى التقدم في المنطقة العربية والاسلامية. فالعداء السعودي والإسرائيلي لإيران أو للمقاومة اللبنانية والفلسطينية لم يأت صدفة وإنما ضمن إرادة إمبريالية محركها دول المركز وبمقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وأطرافها كيانات تؤدي أدواراً مختلفة ولكنها أدوار متناسقة في حركتها الاستراتيجية بهدف إزالة أو إضعاف القوى المقاومة للهيمنة الإمبريالية. 
 
إن وسائل الإعلام السعودية التي تؤكد دائما على المساعي السعودية الحل القضايا العربية والإسلامية الاستراتيجية ليست إلا كذبة مستمرة هدفها تضليل الرأي العام العربي والإسلامي. وبالتالي فإن الخداع السعودي يأتي دائما على حساب القضايا المصيرية كقضية فلسطين وقضايا الشعوب العربية والإسلامية المتضررة من الهيمنة الإمبريالية العالمية.
 

copy_r